الاثنين، 9 نوفمبر 2015

ليفربول (كتابات ديك الجن ).

لقبل ما يتزوج بيوم واحد.. كل شاب أردني بكون مقتنع إنه أكل أمّه هو أزكى أكل في الدنيا.. أو على الأقل هذا اللي بحكيه.. طبعا ممكن يكون صادق.. وهو هيك شايف.. وممكن تكون مجاملة.. لكن في حالتنا احنا.. حتى المجاملة كانت مستحيلة... كان طبيخ إمي عبارة عن كابوس.. ابتلاء ربّاني على شكل طعام..
طبعا و احنا صغار ما كنا فاهمين حجم المشكلة.. كانت أي سندويشة بتسلك.. لكن لما كبرنا شوي, وخصوصا مع مشاكل امي وأبوي المستمرة في الموضوع, بدأنا نفهم أبعاد المأساة.. الله يخليها إمي كان بينها و بين الطبيخ بلاد.. يعني الرز مثلا عمره ما كان رز زي ما بعملوه الناس.. كنا يا بنوكله بصورته الطبيعية كحبوب.. يا اما بصورة العجين.. وفي المرات القليلة اللي كان يزبط فيها ويطلع رز زي ما الكتاب بحكي .. كان الملح الزايد يغطي على هذا الانجاز.. المحاشي تقول طالعين من معركة أحد.. ما في حبة محاشي الا وفيها ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم.. أو مقطعة الأشلاء.. والملوخية و البامية و الفاصوليا و غيرهم و غيرهم.. وللأمانة.. العدس تقريبا هو الشيء الوحيد اللي كان زابط..
في ظل هاي الظروف.. كان طبيعي المشاكل بين امي وأبوي تزيد.. ولتفادي التصعيد, وفي اجتماع عائلي على مستوى القعدة.. تم الاتفاق على فترة هدنة مدتها ست شهور.. في هاي الست شهور.. أبوي يتغدى في الشغل.. وما يوكل في البيت أبدا.. وامي من جهتها.. ستضطر على مضض انها تعيد تعلم الطبيخ من كتاب.. وتلتزم بالتعليمات.. لأنه على رأيها.. هي طباخة شاطرة.. بس أبوي ما بعرف طعمة ثمه.. بس بغض النظر, تم الاتفاق وعلى وعد انه بعد ست شهور.. تكون تعلمت الطبيخ زي ما بده أبوي و ترجع الأمور لمجاريها.. أما بقية الشعب المسكين.. أنا وأخواتي الثنتين الصغار.. فكنا مجبرين نوكل تجارب أمي و احنا ساكتين.. بس مش مهم.. المهم وصلنا لمرحلة من السكينة في البيت..
وفي هديك السنة.. كنت أنا صف عاشر.. وفي اخر السنة تقريبا و قبل العطلة بشوي.. اجا رمضان.. شهر الله الكريم.. وكان يجي في الصيف وقتها.. يعني كنا نصوم 30 ساعة.. والفطور أيامها كان بعد التراويح.. وقتها كانوا الست شهور خلصوا.. وبحكم انه رمضان.. كان أبوي مضطر يرجع يوكل في البيت.. وعلى وعد انه أكل امي تحسن.. هو طبعا ما تحسن ابدا.. بس ضافت له طبخات فاشلة من الكتاب.. وجاءت لحظة الحقيقة..
كان أول يوم رمضان.. وامي قررت تعمل مقلوبة.. وأبوي كان مروح من الشغل مش شايف قدامه..واحنا كلنا قاعدين خايفين من ردة فعل أبوي.. و بندعي ربنا انه تطلع الطبخة منيحة.. ومع قولة الله أكبر.. جابت امي سدر المقلوبة العظيم.. مبدئيا كان وجهه محروق.. الدجاج كان شبه ضحايا الحرب.. البطاطا مستشهدة بقصف.. والرز كالعادة.. طبعا انا وخواتي سكتنا و امي كانت مبتسمة بتستنى رد فعل أبوي.. بتذكر وقتها أبوي.. بس أكل أول لقمة.. حط ايده على خده... وسكت.. بعدين رفع ايديه للسما و حكى.. "يا رب.. يا رب تتوب علي من طبيخ هالمرة يا رب!"
واستجاب رب المساكين الصائمين المجاهدين لدعاء أبوي.. في أول أيام العيد، أرسل لنا الله الفرج على شكل حادث منزلي.. زحلقت أمي في المطبخ، وكسرت رجلها ونامت في السرير وهاي كانت بداية رحلتي الشخصية مع الطبيخ..
نامت امي في السرير, وتولوا خواتي مسؤولية التنظيف والغسيل وترتيب البيت.. لكن ظلت شغلة الطبيخ .. وبما إنه أخواتي كانوا لسه صغار عالموضوع، ما كان في على خط الجبهة غيري.. واقترحت علي إمي إنه أنا أبدا أطبخ، بناء على تعليماتها.. كانت فرصة للنجاة.. وبدأت فعلا الطبيخ.. لكن من الكتاب..
البدايات ما كانت مبشرة.. لكن التطور كان سريع و مدهش.. ومع أول طبخة زاكية عملتها.. اكتشفت انه في جواي حب لهذا الموضوع.. وفعلا.. ما مروا شهور العطلة.. الا وكنت أطبخ بشكل مقبول.. حتى انه أبوي في احدى ايام الجمع لما أكل من طبيخي اندهش.. وتم اعتمادي كطباخ البيت الرئيسي..
وقامت امي من السرير.. ومع هيك ظليت أنا الطباخ.. وكان هذا هو الحل اللي أرضى الجميع.. كنت أرجع من المدرسة.. الاقي امي مجهزة المكونات.. وأطبخهم أنا.. وسنة عن سنة.. صرت طباخ محترف.. وحتى في سنين الجامعة.. كمل الموضوع.. وصرت أجيب كتب طبخ لحلويات و معجنات وأطور حالي.. وما خلصت سنين الجامعة.. ولا أنا طباخ لا يشق له غبار..
خلصت محاسبة.. واشتغلت محاسب بشركة كبيرة.. ووقتها طبعا خف نشاطي في المطبخ.. وكنت علمت أخواتي الطبيخ.. واكتفيت بس بعمل الحلويات و العزايم الكبيرة.. لكن حب الأكل و تحضيره ظل موجود في داخلي وفي حياتي كهواية..
عالسبعة و عشرين تزوجت من بنت رجل نوعا ما ميسور الحال.. مش غني غنى فاحش.. لكن رجل أعمال متوسط الحال.. و كان احد زباين المكتب عنا.. بعد الزواج.. وخصوصا بعد أول سنة.. لاحظت انه مستواي المادي أقل من مستوى عدايلي الثلاث.. يعني كلهم مثلا كان عندهم سيارات حديثة وأنا سيارتي وسط.. وكلهم ساكنين في شقق جديدة وملك واحنا شقة عادية و بالايجار.. ومع انها عمرها ما جابت سيرة.. لكن كنت أحس انه هذا الموضوع بدأ يعمل أزمة لأسيل.. انه زوجها أقل منهم.. وفي نفس الوقت.. كانت متطلبات الحياة بتزيد.. وراتب الشركة شو ما كان.. ضعيف.. ومع ولادة أول ولد.. وزيادة المصاريف.. كان ازمة الفلوس بدأت تظهر.. وبعد تفكير مطول.. قررت انه الحل الوحيد لزيادة دخلي وترتيب حياتي اني لازم أعمل عملي الخاص.. ونظرا لخبرتي السابقة في موضوع الأكل و الطبيخ.. كان المطعم هو الخيار الأفضل..
وبعد مناقشة الموضوع مع زوجتي وأهلي.. الكل شجعني عليه.. وتوقعوا لي النجاح الباهر.. وبدأت ملامح الحلم ترتسم في عقلي.. لكن الموضوع ما كان سهل.. وكنت بدي أعمل شي مميز.. عشان هيك قضيت تقريبا سنة وانا أرسم خططي وافكاري على الورق.. ولما رسمت الحلم كامل.. وما ظل الا التنفيذ جمعت مدخراتي.. وساعدني الوالد شوي.. وأخوي شوي.. ومع عيد ميلادي الثلاثين.. قدمت استقالتي من الشركة.. وبدأت مرحلة تحقيق الحلم نحو النجاح..
وبدأت تطبيق خطوات حلمي زي ما هو مرسوم بالزبط.. كان حلمي اني أعمل مطعم يقدم أكل البيت لناس عندهم مشكلة زي مشكلة مثل أبوي زمان.. أكل عربي نظيف و لذيذ و بطعم منزلي.. كنت بحاول أبتعد عن شكل المطعم التجاري اللي بقدم أي شي.. وحتى لو كان السعر زايد شوي.. المهم يكون الأكل طيب..
استأجرت محل في منطقة تجارية منيحة.. في مكان كويس.. قريب من بيتنا في المرج.. تعاقدت مع شركة ديكور.. وعملنا له ديكور لطيف وهادي.. اشتريت عدة مطبخ ممتازة.. وتعاقدت مع 8 موظفين من خريجين معاهد التدريب المهني و الفندقي .. كان فكري انه مطعمي مؤسسة وطنية.. وزي ما هي مؤسسة تهدف للربح فهي كمان تهدف لخدمة المجتمع..
وفي أثناء تركيب الديكورات.. كنت لفيت البلد بحثا عن أفضل موردين الأطعمة و المكونات.. كنت مؤمن انه الاهتمام بتفاصيل التفاصيل هو سر المهنة.. يعني مثلا الملح.. جربت ثمان أنواع قبل ما أختار النوع الأفضل.. البطاطا جربت يمكن ست موردين.. وكان لازم تكون بطاطا طازجة.. أنا أقطعها وأجهزها.. ما كنت بدي بطاطا مجمدة .. الدجاج جربت سبع موردين.. لغاية ما اخترت نوع.. والرز و اللحم و هلم جرا.... وفي أوائل عام ربيع 2013 تم افتتاح مطعم "أطايب"...
بداية العمل كانت مرهقة جدا.. كنا الصبح بنقدم سندويشات بيتية و في فترة الغدا طبيخ عربي منوع.. وفي الليل مشاوي.. واستهلك المطعم كل وقتي.. كانت التفاصيل أكثر مما توقعت لكن الحفاظ على الجودة.. وطموحي الكبير و ثقتي بنفسي وبفريقي و بنجاحي كانوا يهونوا علي كل المتاعب..
بداية المبيعات ما كانت مبشرة.. لكن الناس كلهم حكوا انه المطعم بده فترة لينعرف.. ولازم نزيد التسويق وهيك.. وفعلا.. عملنا حملة تسويق كبيرة شوي.. استنزفت جزء اخر من التمويل.. وبدأت الحركة تزيد شوي..
كنت أشتغل في المطعم من الساعة 6 الصبح للساعة 12 بالليل.. مثل النحلة بين المطبخ والصالة.. والتقييم اللي كنت اخذه من الزباين كان رائع.. كانوا مندهشين من جودة الطعام.. بس مع هيك كانوا معظمهم من كبار السن.. وعددهم قليل..
مروا ست شهور.. ومبيعات المطعم يا دوب مغطية المصاريف.. وبدأ القلق يتسرب لقلبي.. وكل مرة أراجع حالي.. وأرجع أفوت المطبخ وأحاول أعرف وين المشكلة.. انه ليش ما في اقبال.. كان الأكل فعلا لذيذ..
نصحوني بعض الناس انه أنزل الأسعار.. وأعمل حملة تسويقية جديدة.. وفعلا.. نزلنا الأسعار.. وعملنا حملة استنزفت اخر المدخرات.. مع هيك الاقبال ما زاد زي ما كنت متوقع.. كانت فئة الشباب عازفة تماما عن المطعم.. ما بيجينا الا كبار بالعمر.. أو زباين مش من المنطقة ومروا مرور بالصدفة..
دخل الشتا ومعه بدأت الخسارة.. قلت المبيعات بشكل كبير.. وصرت اتأخر بالرواتب.. وصار مدخول المطعم قليل جدا.. مع بدء الخسارة.. كان الوضع في بيتي سيئ.. الكلام اللي كنت أشوفه في عيون أسيل صار يطلع على لسانها.. ونظرات الشماتة من عدايلي والشفقة من أهلي كانت تقتلني..
كان الكل شايف ومجمع انه المطعم فشل.. إلا أنا.. طبعا حاولوا بعض الناس يعزوني.. انه مصلحة المطاعم خطرة.. وهي أرزاق في النهاية.. وانا ما علي ذنب.. لكن شعوري بالفشل كان قاتل.. خصوصا اني بذلت كل ما استطيع في المطعم.. وكنت متأكد انه فش مطعم في عمان كلها بقدم أكل بنظافة الاكل اللي بقدمه.. لكن لسبب ما.. ما نجح المطعم..
مع بدايات الربيع.. كان المطعم فشل تماما.. وبدأت اقتراحات اغلاق المطعم قبل تجديد عقد الايجار.. لكن كان أسهل علي اني أذبح ابني الوحيد ولا اني أسكر حلمي.. الشعور بالفشل كان فوق احتمالي.. وقررت أعمل حملة تسويق جديدة.. لكن ما كان في تمويل.. وكانت بدأت مشاكلي مع الطباخين والعمال وتأخير الرواتب..
وقتها وصلت بين و بين أسيل مواصيلها.. كنت وصلت لمرحلة انه ما عندي أكل في البيت لأنه عندي مطعم.. شيء كوميديا سوداء عالاخر.. وبالاخر طلعت من البيت.. وناداني وقتها حماي.. وقعدنا..
هو رجل فهمان جدا.. قعدنا و تكلمنا.. وتفهم حاجتي انه أكمل حلمي.. بس فكرته كانت انه نسختي من الحلم فشلت.. وانه مع عاطفتي و حبي لشغلي.. لكن لازم أغير شكل المطعم.. واقترح علي انه يساعدني في تغيير شكل المطعم شوي.. ويمكن ينجح الموضوع.. وانه راح يجيب لي شخص يدير المطعم وهو راح يساعد في التمويل كدين.. وما كان قدامي أي بديل.. كنت بدي أنقذ حلمي بأي طريقة..
عرفني على أحمد.. شاب خبرة في المطاعم.. ووقعت عقد معه لادارة المطعم.. وطلب أحمد انه ما أتدخل بشي.. وهو بتعهد بنجاح المطعم خلال أشهر.. ووافقت مضطرا.. جددنا عقد الايجار.. وأول شي عمله أحمد انه روح كل الشغيلة.. وسكر المطعم.. وبدأ حملة لتغيير ديكور المطعم..
كانت فكرته انه الأكل العربي سوقه مش ماشي.. واحنا لازم نواكب الشباب وشو بدهم.. غيرنا اسم المطعم لليفربول.. فريق قدم انجليزي هذا.. وغير ديكور المطعم من ديكور بيتي هادي.. لشي أحمر والجدران كلها صور لعيبة صارت.. وجبات المنسف والقدرة و المقلوبة اختفت.. وحل محلها وجبات برغر وشاورما بأسماء لعيبة أجانب..
غير أحمد كل الموردين تقريبا.. الدجاج صار مجمد.. البطاطا مجمدة.. الخبز بطلنا نخبزه صار جاهز.. المخلل بدل ما كان احنا نعمله من الخيار الصغير صار يجيب خيار عملاق ما حدا بشتريه.. ونعمله في المطعم.. والأهم طبعا انه الموظفين الجداد كانوا كلهم من جنسية عربية.. وبرواتب ما عرفت كيف وافقوا عليها.. وبعد كل هاي التجهيزات والتعديلات.. فتحنا المطعم.. ويوم الافتتاح عمل أحمد ألعاب نارية.. ووجبات مجانية و موسيقى صاخبة و رقص وطبل وهيك..
ولدهشتي الشديدة.. ومع انه مستوى الأكل الجديد كان لا يرقى لربع مستوى الاكل القديم .. إلا انه اللي بعناه في الأسبوع الأول كان بساوي مبيعات احسن شهر في مطعمنا القديم.. ومن خبرتي السابقة.. توقعت انه المبيعات تنزل.. لكن ما نزلت أبدا.. بالعكس.. استمرت وبشكل كبير.. وفوق ما كنت متخيل..
خلال اربع شهور بس.. قدرت أرجع فلوس حماي كلها.. ويومها قعدت معه قعدة طويلة.. حكى لي فيها انه كان عارف من الأول اني راح أفشل, بس ما حب يتدخل .. لأنه اللي بقدم جودة عالية في مجال التجارة بخسر.. في التجارة وفي الحياة.. انت بتتعامل مع مجموع.. ولما تتعامل مع مجموع.. لازم تقدم أقل مستوى مقبول من المجموع.. تحكي بأسهل لغة يفهموها.. وانه أكيد في ناس ما راح يعجبهم منتجك.. بس مش مهم.. نسبتهم قليلة ومش مهمين.. وهذول هم نفسهم اللي كانوا يجوا عندي.. بس مش مهمين.. المهم المجموع.. والمجموع ذائقته خفيفة.. ومع شوية بهارات بقبل أي شي..
طبعا بطلت أداوم في المطعم زي زمان.. ولا بحب ولا بقدر أفوت المطبخ زي زمان.. بروح بس المسا.. بدعي انه ما حدا يتسمم من الأكل اللي بقدمه أحمد.. وباخذ الغلة وبروح.. ورجعت أسيل على البيت.. ورجعت حياتنا سعيد.. وعدايلي نظرتهم الي تغيرت.. بل صار في نوع من الحسد حتى..
هالأيام المطعم ناجح جداً .. وفي فكرة لفتح فرع ثاني.. وأنا بنظر الناس شخص ناجح.. طارد حلمه و حققه.. وأمن مصدر رزق ممتاز لعائلته.. لكن بعيد عن هاي الصورة الذهبية اللي راسمينها الناس، أنا من داخلي مش سعيد.. مش هذا هو الحلم اللي كنت بدي إياه.. هاي هي يمكن النسخة اللي نجحت من الحلم.. بس مش نسختي.. نسختي أنا اللي بتشبهني ماتت.. فشلت.. ونجحت النسخة اللي بده إياها أحمد وبده اياها حماي واللي واضح كمان إنه الناس بدهم إياها.. بس مش أنا .. أنا ولا في يوم فكرت إنّي أعمل مطعم ما أقدر آكل فيه..
- يا أيسر.. عندك وجبتين سواريز دبل مع بيبسي كبير.. وتومة زيادة.. عجل فيهم شوي..
تمت..
ملاحظة : أي تشابه أسماء هو محض صدفة وغير مقصود لذاته.. وبارك الله للناس في أرزاقهم ومصالحهم..
أعلى النموذج


هناك تعليق واحد:

  1. جميله... نهاية الاصرار والثقه تنال ماتشتهيه ��

    ردحذف