الاثنين، 20 أبريل 2015

21\6 نهاية البداية ام بداية النهاية؟











كنت افتح كُتب الثانوية التي كان علي أن أُحبها كي استوعب ما بها و أخرى  أحببتها فعلا , التي كنت أرى من خلالها حلمي الذي سيتحقق يوماً لا محال , كنت حينها لا اعرف المستحيل و لا يطرق التشاؤم باب مخيلتي , متفائلة بكل ما أوتيت من قوة .
اجتزت سذاجة الدراسة في مدرستنا لم يكن كتاب التاريخ الملل مشجعاً على الحفظ , ولم تكن طريقتي في الحفظ التي تركز على كل شيء و لا تنسى علامات الترقيم التي تزاحم الكلمات و لا اغفل عن مابين السطور خشيت أن يداهمني سؤال من بينها مع أنها فارغة !!
انتهيت من  المرحلة الثانوية , لتتسلل الكتابة إلي حياتي و تقول لي , تملكين الشجاعة لتكتبي و بدون خجل , أًقبلك  بكل أخطائك النحوية و اللغوية و ركاكة خواطرك التي تهيمين بها . و كتبت علي ضفة انتظر حلمي الأزرق الذي يشبه جمال السماء فوق ارض بسيطة لا تعرف شيء من دخان المصانع أو عوا المتشائمين !
حلمي لم  يكن قدري ,  ربما لم اعرف قدراتي و ربما كان للخوف نصيباً كبير في إخفاقي , أي كان السبب أنا لم اعد أبالي بذلك الماضي .
شغفي بالأحلام  بات اقل بكثير لم ينعدم و لكن شاخ قليلاً !
أُشبه الكثير , فتشت عن نفسي في مكان أخر كما فتش غيري من الحالمين لأجد سماء الحالمة لأجد حلمي التائه و وجدتها قادرة , تستطيع أتفعل شيء أعظم  من أن تُضع وقتها في حفظ ثلاث صفحات محشوة بالمعلومات لتضعها تحت سؤال دقق ألف مرة ليناسب قانونا ما و في نهاية لا تحصل علي ما تطمح .
تخرجي من الجامعة ليس بالأمر التاريخي العظيم !
 هو نهاية مرحلة أريد اجتيازها لأبدأ  بشيء أخر أريد تحقيقه .
لا تحتكروا الأحلام علي الشهادة أو  السفر أو الوظيفة أو الزواج لأن الأحلام  و ان تحققت  ربما لا تكون كتلك التي حلمتم بها في خيالكم . و لا تتوقفوا عن الحلم ب شهادة عالية  أو رحلة لمكان طالما تمنيتم الذهاب إليه أو وظيفة تثبت لذاتك انك قادر علي إن تكون مفيدا في هذا الكوكب  أو عائلة سعيدة .
كل ما انتهت من حلم ضع إمامك حلم أخر او هدف تسعي له  .
أن ضاع حلمك فتش عنه . فالقدر يجلب لنا الكثير الكثير من المفاجأة .


اذكروا (الله) وصلوا ع الحبيب

السبت، 11 أبريل 2015

عمَّار

لمّا انولد عمَّار كان عمري ثلاث سنين.. وما بعرف إذا أنا فعليا متذكر لمّا إمي روحت من المستشفى حامليته على إيدها، أو إنه - مثلي مثل الناس - عقلي برسم هاي الذكريات الوهمية ،،وبهيأ لي إنّي متذكر.. لكن الشيء الأكيد إنّي مش متذكر أي شيء من طفولتي قبله..
كنا أسرة سينمائية إلى حدٍّ ما.. أم شابة جميلة في منتصف العشرينات.. وأب ثلاثيني مقتدر، وعايشين في بيت جميل زي إمي ، وبلد عربي مقتدر زي أبوي..
وفي الوقت اللي أنا كنت فيها ماخذ ملامح أبوي القاسية وشعره الأجعد .. كان هو متشرّب كل جمال إمي.. ملامحها.. غمازاتها.. عيونها الخضر.. شعرها.. كل شي فيها.. كان نسخة عنها.. كان عنده كل سبب يخليها تحبّه.. إلا إنّي لغاية الآن بعتقد إنها ما كانت تحبّه.. أو اللي صار بعدين هو اللي ما خلّاها تحبه..
في عمر سنتين تقريبا.. اتضح انه أخوي عمَّار عنده مشكلة في الكلام والتصرفات .. كان كل كلامه صرخات متقطعة ما فيها أي حرف.. وتصرفاته بتدل إنه عايش في عالم ثاني.. وبعد فترة من التخمينات والتطمينات، التشخيص حسم الموضوع.. في عمر ثلاث سنوات.. تم تشخيصه - زي ما حكت لي إمي بعدين وعلى مراحل - بإعاقة عقلية شديدة.. وطيف من أطياف التوحد..
بعد تشخيص حالة عمَّار واليأس من شفاؤه.. راحت السكينة من بيتنا.. وبدأت المشاكل تظهر رؤوسها الصغيرة مثل براعم الشيطان.. .. بدأت بتوتر بسيط على طاولة الغدا.. بعدين أصوات مكتومة ورا جدران غرفة النوم.. لكن شوي شوي طلعت الأصوات خارج غرفة النوم.. وزادت لدرجة إنّي كنت أتخبى وأخبّي عمَّار عنها، وصاحبها تكسير أواني ومزهريات وبكاء وعصبية .. وبعد فترة من المشاحنات، انتهى الزواج السينمائي بطلاق سينمائي.. وأتوقع إنه كان مجزي ماديا لإمّي.. لأنها أبدا ما اضطرت تشتغل..
انفصال أبوي عنّا، وحالة عمَّار الميئوس منها، دخلوا إمّي في حالة إكتئاب شديدة كانت تعّبر عنها بانعزالها وصراخها المستمر.. ويمكن هذا عمل عندها نوع من ردة الفعل تجاه عمَّار بالذات.. يمكن فكرت إنه هو كان السبب أو بشكل أدق، إعاقته كانت السبب .. لكن بكل الأحوال.. النتيجة كانت، إنها كانت تتحاشى تلعب معه بأي شكل وتتهرب من حبه البريء تحت أي عذر..
ما طلعنا من البلد، ظلينا فيها.. لكن رحلنا على بيت أصغر.. وإمّي جابت لنا شغالة تدير بالها علينا.. وتفرغت لحياتها الخاصة.. وكانت هاي أكبر فترة ربطت بيني وبين عمَّار..
بغض النظر عن إعاقته، كانت حياتي معه جداً سعيدة.. ما قدر طبعا يدخل المدرسة.. فظل حبيس البيت.. وكونه أبوي كان اختفى تماما، وأمي طول نهارها بره البيت.. والشغالة ما بتحكي معه.. كنت أنا دنياه كلها.. وكان هذا الشيء يسعدني بشكل لا يوصف.. كنت أول ما أرجع من المدرسة، ألاقي بستناني بصرخاته اللي زي فتى الأدغال.. وأقضي نهاري كله معه..
كنا كثير نلعب، طبعا ما كان لعب لعب زي ما بلعبوا الأولاد.. لأنه كان جاهل بأي نوع من القواعد.. كان تخبيص بس.. لكن كان وقت نقضيه سوا كإخوة.. وبرغم قدراته العقلية المعدومة تقريبا.. إلا إنه كان في نوع من التفاهم البسيط بيننا.. كان يفهم علي شو بدي..
وكبرت.. وكبر عمَّار.. وفي الوقت اللي كان حبه لإمّي يكبر.. كان تجاهلها إله وخجلها منه يكبر.. كانت تنظر لي إنّي أنا الابن الشاطر المجتهد الذكي اللي بتفاخر الناس فيه، وهو الابن المعاق الغبي التي بتخجل منه وبتخبيه عن الناس..
وهذا الشيء بالذات كان سبب الفجوة الكبيرة اللي بيني وبينها..

كنت - برغم كل شيء - بحبه وما بخجل منه... لدرجة مرة - كنت في الصف الخامس يمكن- كان عندي تكريم في المدرسة، كنت من الأوائل.. وكانت حفلة التكريم بعد الظهر ولازم نروح أنا وإمّي .. ولمّا عرضت يجي عمَّار معنا ما رضيت.. كانت مانعة بأي شكل من الأشكال إنه يروح معانا أي مكان عام.. . فضحكت عليه بشي.. وطلعنا بسرعة بدون ما ينتبه، وما أخذناه..
لمّا رجعنا.. كان واضح إنه مش موقّف بكا طول الوقت .. وخابط راسه في الأرض لمنزل الدم من راسه.. لمّا شفته والدم والدموع معبيين وجهه، نسيت كل فرحتي بالتكريم، وركضت عليه.. تركني وراح عند إمّي.. ومع هيك تجاهَلته وصرخت عليه وراحت على غرفتها وسكَّرت الباب.. يومها قلبي انحرق عليه .. كان منظره وهو قاعد على باب غرفتها ببكي.. والشغالة بتحاول توخذه تغسله وهو مش راضي، أقسى من الاحتمال.. حتى أنا لما كنت أحاول أقرب عليه يضربني.. كان يحب إمي أكثر من روحه .. بس ما كان يلاقي منها إلا الصدّ.. يومها بالذات بدأت فعليا أكره إمي.. وقررت إنّي بحياتي ما أتركه.. وأنا اللي راح أعوضه عن كل حب إمي.. وغصب عنها..
صرت لمّا أروح من المدرسة أطلعه معي عالحارة.. عالم جديد بالنسبة إله.. وناس جداد.. ومع إنه الموضوع عمل لي مشاكل لا حصر لها مع إمي.. إلا إنها كانت ولا شي مقارنة بالمشاكل مع الناس..
كانت طريقة عمَّار في إبداء إعجابه بالناس إنه يضربهم.. هيك كان بعمل معي، بس الناس ما كانوا مستوعبين هذا الأسلوب المبتكر.. خصوصا إنهم ما بعرفوا وضعه، وشكله الخارجي لا يوحي بأي شي.. ولغاية ما فهموا هاي الحقيقة، أنا اللي دفعت الثمن..
كنت مرة ماخده معي مشوار لآخر الحارة نشتري شي من المكتبة.. وقتها شفنا ولدين سودانيين توأم، كانوا أكبر مني بسنة، وشرّانيين كثير وكانوا متحركشين في وضاربينني أكثر من مرة .. كانوا ماشيين ومعهم أختهم الصغيرة حاملة آيس كريم..
وبس شفتهم دعيت ربّنا ما يتحركشوا فينا..

وفعلا ربّنا استجاب.. ومروا من جنبنا بسلام.. لكن من غامض علم الله، لمّا صاروا بمحاذاتنا تماماً، قام عمَّار خطف الآيس كريم من أختهم وضربها ووقعها على الأرض وهرب ... حاولت أستغل صدمتهم من الهجوم الوقح والجريء وأهرب أنا الثاني بس ما لحقت.. عمَّار لحاله هرب.. وأنا مسكوني.. وتمكنت في ظل انهمار الضرب الثنائي بالأيدي والأقدام، تمكنت بنص عين أشوف عمَّار جاي بركض لعندي على هيئة منقذ.. وأول شي عمله لمّا وصل، إنّه بلش يضرب في معهم.. بس منيح على كل حال.. هذا اللي وقفهم من الضحك..
ومع هيك، ما زعلت منه.. كان كل شي بعمله على قلبي عسل.. كان أخوي.. دمّي ولحمي.. إبني كان.. أخذته كل مكان.. عالحارة، عالنادي القريب.. عالمسبح.. وعلمته السباحة وسبح كأنه طول عمره بسبح.. حتى إنّي مرة لمّا كبر.. قبل ما أدخل توجيهي بشوي.. أخذته عالمسجد..
كانوا أصحابي إقترحوا علي آخذه عالمسجد يصلي.. وأنا أدعي له.. ممكن ربّنا يستجيب ويشفيه.. وفعلا اقتنعت بنصيحتهم.. وساعدني إنه عمَّار كان يهدأ ويكنّ لمّا يسمع القرآن.. وكنت لمّا أصلي يوقف جنبي ويسوي مثل ما بسوي.. فتشجعت وأخذته معي..
لكن من وحي تجارب سابقة.. أو مصايب سابقة.. اخترت أقل صلاة بكون فيها ناس.. كانت صلاة العصر في رمضان.. وفي مسجد صغير ما في حد.. ما بتكمل فيه الصلاة صفّين..
دخلنا على المسجد.. وفعلا عمَّار ظل قاعد وساكت.. وأقاموا الصلاة وكنا ورا الإمام مباشرة.. وبدأت الصلاة.. طبعا أنا مش مركز نهائيا في الصلاة.. قلبي برجف من أي حركة بعملها عمَّار.. لكن ظل هادي وساكت..
كانت الدنيا رمضان والجو صيف، والإمام تعبان.. قرأ الفاتحة وسورة صغيرة يمكن وركع.. في السجود غمّضت عيوني ودعيت ربّي يشفي أخوي شفاء لا يغادر سقماً.. وفي غمرة خشوعي في الدعاء، واستحضار ألطف الكلام.. صحيت على صوت الأمام بصرخ.. كان عمَّار استغل سجوده ونطّ على ظهره وبلّش ضرب فيه وهو يصرخ بأصواته المميزة ..
طبعا فرطت الصلاة كلّها.. وبألف يا ويلاه ، لفكيناه أنا والمصلين عن ظهر الإمام ، وانطردنا شرّ طردة، وأنا بشرح للناس إنه مسكين.. ما بعرف إذا أفطر الإمام يومها، بس أكيد ما إنقبل له صيام من ورانا..
وبمواقف شبيهة مشيت حياتي مع عمَّار.. وكبرنا.. وصار لازم أدخل جامعة.. ووقتها رحلنا كلنا على عمّان.. وهناك كانت حياتنا على موعد مع تغييرات كبيرة..
وقتها إكتشفت إنه أبونا اللي ما شفناه من واحنا صغار.. كاين شاري بيت إلنا في عمّان وكاتبه بإسمي وإسم عمَّار.. وسكننا فيه.. كان بيت كبير حلو ومعه حديقة وقريب من الجامعة الأردنية..
دخلت هندسة ميكانيك.. وفي نهاية السنة الأولى عرفنا إنه أبوي مات والمحكمة حولت لنا ورثة محترمة.. وطبعا إمي كانت الوصي على فلوس عمَّار .. بعدها بأشهر، إمي قعدت معي وحكت لي قرارها الغريب.. حكت إنه في شخص مناسب تقدم لها وهي موافقة... وإنّه هي تعبت وضحّت عشاننا، وإحنا كبرنا وتطمنت علينا، وبدها تشوف حياتها.. كانت في منتصف الأربعين.. وطبعا هذا حقّها.. لكن العريس كان هو المشكلة..
كان أصغر منها بعشر سنين.. ومع إنّي كنت وقتها شاب صغير، إلا إنّي ميزت من أول قعدة معه نوعيته.. كان من النوع اللي بستغل وسامته وكلامه المعسول و وحدة النساء للحصول على فلوسهم..
طبعا ما كان مناسب إنّي أرفض ولا منطقي.. لكن خوفي الأساسي كان من ردة فعل عمَّار.. خصوصا إنه عريس الغفلة كان راح يعيش معانا في البيت..
تزوّجوا.. وراحوا شهر عسل على تركيا.. وكانت لأول مرة بتترك عمَّار.. ومع إنه كان كبير وقتها.. إلا إنه الموضوع أثر عليه.. لكن الأثر الأكبر كان لمّا رجعوا من شهر العسل.. وعاش زوجها معنا في البيت.. بدأت الحياة الحقيقية وبدأت معاناة عمَّار.. 


...

ورجعت إمي وزوجها من شهر العسل.. طبعاً كشاب في الجامعة، كان صعب جداً علي أتأقلم مع حقيقة إنه في شاب غريب عايش معنا في البيت ، وهو زوج إمّي!!! لكن لو أنا ساعدتني الحكمة وطبيعة الأشياء إنّي أتفهم الموضوع ، فعمّار كان عاجز تماما عن فهمه..
كان الوضع سيء للجميع، كان في شبه إحساس بالذنب - غير المفهوم - من جهة إمّي وعريسها وإحساس بالضيق من جهتنا.. ومع إنه أنا ومصطفى (زوج إمّي) وإمّي كنا بنتصرف بنفاق الكبار ومجاملاتهم، عمَّار بطفولته كان مختلف..
كانت نظراته لمصطفى قاتلة، وبتدلّ إنه في ردة فعل عنيفة تطبخ على نار حامية.. عشان هيك كنّا نظل دائماً على أعصابنا خوفاً من أي ردة فعل مفاجئة لا يحمد عقباها.. ومصطفى من جهته، كان ذكي وفاهم الموضوع تماماً،. عشان هيك كان يتجنب أي حركة تقارب مع إمي بوجود عمَّار ، وبوجودي بالضرورة، إنّما بصورة أقلّ..
لكن التصابي والفرحة اللي كانت إمي عايشيتها في شهر العسل، نوعاً ما أعمت عيونها عن حساسية عمَّار.. وما أخذ الموضوع أكثر من يومين قبل ما يهاجم عمَّار مصطفى الهجوم المحتوم ...
كانت إمي في المطبخ بتعمل معجنات، وعمّار قاعد عندها ، ماسك كتاب الطبخ بالمقلوب ، وبلعب بمرقّ العجين.. دخل مصطفى المطبخ، غافل تماما عن ترتيبات القدر.. وإمّي الله يصلحها، يبدو إنّها حطت إيدها على خصره.. وكانت هاي إشارة البدء لعمّار..
في أقل من ثانية، كان مرقّ العجين معبي وجه مصطفى دمّ وطحين.. ولولا سرعة تدخّل إمّي والشغالة، كان مصطفى راح فيها..
لمّا وصلت المطبخ أنا كانوا بعّدوا عمَّار عن مصطفى، ومسكته أنا فوراً.. طبعاً مصطفى بيّن إنه الموضوع عادي، وإنّه عمَّار عقله عقل طفل وما عليه عتب.. لكن هذا ما كان مهمّ... موقف عمَّار بعد هيك كان هو الحدث الأساسي..
كانت إمّي منحنية على عريسها وبتمسح عنه الطحين والدمّ.. وبنفس الوقت كرهانة كل وجود عمَّار ونفسها تنشق الأرض وتبلعه.. كانت بتصرخ عليه وعيونها كلّهم حقد.. وهو لأول مرة كأنه بحاول يحكي حوار.. كإنه إعاقته كلها إختفت وما في شي بمنعه من الكلام إلا لسانه.. كان يصرخ ويأشر ويبكي بنفس الوقت.. ويحاول يحكي ويشرح بس لسانه خانه.. وشفت في عيونه إنّه ما كان فاهم شو صاير.. بالنسبة إله كان بحمي إمّي وهي بتبهدل فيه... هدّيته وأخذته على غرفته وأنا ماكل هم الأيام اللي جاي..
بعدها صرت أحاول ما أتركه في البيت إلا مسافة ما أكون في الجامعة.. لأني عارف قديش بحبّ إمّي وقديش هي وزوجها بكرهوه.. وعلى قد ما كنت خايف من ردة فعله، كنت خايف عليه.. ووقتها صرت أشوف تغييرات على عمَّار بحياتي ما شفتها..
كنت أرجع من الجامعة ألاقيه في غرفته.. ساكت ما بحكي شي.. ولا بعمل شي.. الحيوية اللي كانت فيه اختفت.. حتى لمّا يشوفني ما يتحرك.. كأنه بعالم مختلف تماماً.. كان واضح إنه في إشي كسره.. بس أنا ما كنت عارف شو هو.. وحتّى لمّا سألت إمّي جاوبت بعصبية إنه يروح ينصرف عمَّار.. ما صار له شي..
بعدها صار عمَّار لازم ينام معي على التخت كل يوم.. وتقريبا كل يوم يصحى من الكوابيس مفزوع.. كان وجود مصطفى في البيت عامل له أزمة كبيرة.. أو على الأقل هذا اللي كنت متصوره..
بعد أسبوعين تقريبا من حادثة المرقّ ، كان يوم جمعة.. أخذت عمَّار أحممّه.. كنت أنا متولي تحميمه من زمان.. وأنا بليف بإيده توجّع.. وصرخ.. تطلعت مكان الوجع منيح ، ولا في أثر ضربة.. كدمة صفرا كانت.. طبعا كنت متعود إنه عمَّار دايما جسمه كدمات كونه كثير حركة ونطّ.. ومن زمان بأذي حاله.. بس المرة هاي ما بعرف ليش شكيت إنه ممكن يكون مصطفى اللي ضربه.. وطبعا ما في وسيلة نعرف.. لكن الشك انزرع..
وكعادة الأيام اللي ما بتخبي شي.. بعدها بيومين من الجامعة ، ولقيت عمَّار في غرفته وعينه زرقا ونافخة.. وإمّي وجوزها طالعين بره وتاركينه مع الشغالة..
بدون وعي مسكت الشغالة، ومن خوفها مني حكت كل الحكاية بسرعة.. كاينة إمي بدها تطلع مع مصطفى ، وعمّار مسكها عشان يمنعها .. ولمّا إشتد النقاش ، عمّار حاول يضرب مصطفى، فراح مصطفى ضربه ودفعه و طلعوا..
وبكل الحقد اللي في العالم استنيت رجعتهم.. ولحسن حظ الجميع إنه رجعتهم ما طوّلت.. أول ما حطّ المفتاح في الباب وهو بتضحوك مع إمي كنت فتحت الباب وتناولته..
أنا فعليا ما كنت بضربه.. كنت بضرب كل لحظة إمي أهملتنا فيها، كل لحظة زعلت فيها عمَّار.. كل لحظة كرهت فيها جمالها وجسدها اللي شغلوها عنّا.. كل لحظة كنت أشوف ابتسامتها للناس وننحرم منها إحنا.. كل لحظة أكلنا فيها لحالنا.. وخفنا فيها لحالنا.. ونمنا فيها لحالنا.. كنت بضرب حبّها للرجال وضعفها أمام الرجال.. ابتساماتها القاتلة إلهم وأنا طفل مراهق.. كنت بضرب كل شي بكرهه فيها.. كنت بضربها هي فعلياً.. لكن في جسد مصطفى..
طبعا من شدة الضرب ، خافت هي إنها مجرد تقرب.. كانت واقفة ومصدومة!! حتى عمَّار كان خايف وتخبى ورا الكنباية.. ما قمت عن مصطفى إلا لمّا غيب.. وبدون ولا كلمة.. مسكت أخوي عمَّار وطلعنا من البيت..
كان انفهم طبعا إنّه مصطفى ما ظل له قعدة معنا.. وبس رجعنا ما كان موجود.. وإمّي ما حكت معي ولا كلمة.. وهو طبعا كان أجبن من إنه يشكي عليّ.. لأني عارف شو كان بدّه.. كان بدّه فلوسها.. وأنا مش مهم عنده..
ثاني يوم برضه ما حكينا مع بعض.. واليوم الثالث، قعدت معها ، وحكت لي بلهجة اللي اتخذ قراره، إنه حياتها خربت بِما فيه الكفاية، وإنّه هي ومصطفى راح يستأجروا بيت ثاني.. وراح تزورنا كل فترة.. وما حاولت حتى تعتذر عن اللي عمله مصطفى..
طبعاً كنت متوقع ردة فعل شديدة منها، لكن مش لدرجة إنها ترحل مع زوجها.. ومع هيك، فإن سنين طويلة من برود العلاقة كانت كافية إنه ما يظهر عليّ التأثر بالقرار.. حكيت لها إنه أنا بتمنالها كل خير وما كان عندي مانع.. بس طلبت إنها ترتب شنطها وتطلع بدون ما عمَّار يشوفها.. وفعلاً.. أخذت عمَّار عالمسبح ولمّا رجعنا كانت رحلت..
الوضع كان سيء أكيد على عمَّار.. لكن لأول مرة ما قدرت أفهم ردود فعله.. كان مرات يكون حزين وصامت.. ومرات عايش حياته عادي.. وعشان أسليه ، جبت له حيوانات أليفة.. جبت له عصافير وسمك.. لكن كلهم كانوا يموتوا.. دفعني راتبي عصافير وسمك.. العصافير إما يطيرهم أو يقتلهم وندفنهم أنا وإياه.. والسمك يوم أرجع ألاقيه فاردهم على الأرض وبلعب معهم.. أو معبي الحوض شامبو وبعمل فقاقيع..
ما عاش عنده إلا بسّ بُنَي.. صار صحاب هو وإياه..

عاشت إمّي مع مصطفى سنة وشهرين.. وكانت تزورنا خلالها.. زيارات أسبوعية أولها، وشهرية بعد هيك... وفي آخر أيامها معه ، كنت أشوف في عيونها بعيون الإبن إنها مش مبسوطة.. وإجا أخيراً اليوم اللي خلصت فيه مغامرتها ورجعت على البيت بشنطة أواعيها..
طبعا ما كان في داعي تحكي لي شي.. كل شي كان واضح.. طلّقها مصطفى بعد ما أخذ منها كل شي.. حتى ذهبها أخذه وباعه.. ما ظل معها إلا تاج ذهب أبيض كان أبوي جاب لها إياه على ولادة عمَّار.. هذا الوحيد اللي ما باعته.. كانت جداً تحب هذا التاج.. ومرات كثير تلبسه في البيت..
بعد رجعتها كانت مكسورة كثير.. كإن الحيوية المفاجئة اللي أعطاها إياها زواجها من مصطفى، راحت وسحبت معها روحها.. عيونها الخضر ذبلوا وإسودّ تحتهم.. عودها نفسه ذبل ونحفت كثير.. حتّى مشيتها وجسمها اللي ياما اعتدّت فيه كان أشبه بخيال.. وغطت الشيب بشال صوفي.. كان واضح إنها كبرت في هاي السنة عشرين سنة..
واعترفت لي في لحظة صفاء روحي ، من هلي اللحظات اللي ما بتتكرر، إنها أخطأت كثير كثير.. بحقّنا وبحقّ نفسها.. وطلبت السماح .. حضنتها وسامحتها، وكنت لأول مرة بحسّ فيها كإمّي.. حتّى علاقتها مع عمَّار تحسّنت.. لدرجة كانت تنيمه عندها في الغرفة..
لكن طبيعة الأيام اللي ما بتتبدل، ما أعطتها وقت كثير تكفّر عن ماضيها.. بعد رجعتها بأسبوعين كان طبيب شاب بشرح لي بأسلوب الأفلام المصرية في ممر أزرق من ممرات مستشفى الجامعة، إنه سرطان في المعدة والأمعاء ومنتشر وفي مراحلها الأخيرة..
عاشت بعدها أسبوع أو أكثر شوي.. ما لحقت تخرجي حتى.. لكن كان هذا الأسبوع من أجمل أيام عمَّار.. ما كانوا يفترقوا أبداً.. وطول نهارهم مزح وضحك وحبَ.. ولدهشتي الشديدة، بدا إنه عمَّار استوعب فكرة مرضها وموتها.. حتى راح بكل براءة حفر لها قبر صغير في الحديقة جنب قبور عصافيره وسمكاته ..
بعد وفاتها، عمَّار حط كل ملابسها وتاجها الذهب في صندوق خشبي أسود كبير.. وحطّه في غرفته.. وكان مرات بس أرجع من الشغل ألاقيه لابس فستان من فساتينها ..
بعد موت إمي بسنتين تقريبا ، شعرت إنّي لازم أتزوج.. كنت بدي حدا معي يحمل معي هالحياة.. وكنت جاهز من كل النواحي.. عندي بيت وشغل وفلوس.. ومش ناقص إلا عروس تشاركني هالدنيا.. وما كان بدي منها إلا شي واحد.. ترضى بوجود عمَّار الدائم في حياتنا .. وبدأت عملية البحث عن هاي القديسة..
تم الجزء الثاني..
الجزء الثالث ..
طبعا عشان أكون واضح وصريح مع الناس، كنت بخبّر أي حدا بسأله عن عروس بشرطي الوحيد، بدي زوجة تقبل تعيش معي في بيت فيه أخوي.. وكان هذا شرط صعب جداً عند الناس..
في معظم الحالات، كانوا الناس يرفضوا رفض قاطع.. وجزء بسيط منهم يوافق على زيارة مبدئية يشوفوا فيها عمَّار.. كان بهمّهم عمَّار ووضعه أكثر من العريس نفسه..
طبعا كنا نروح نزورهم، ولأنه عمَّار وقتها كان كبر وصار شاب طول بعرض وحليوة وعيون خضر ، كان التفكير المتمني - لو جاز التعبير - يهيأ للستات خصوصا إنّه هو العريس.. ويصيروا يدوروا في وجهي أنا على الإعاقة العقلية..
طبعا أول ما أبدأ الكلام يفهموا القصة، وتظهر نظرة "سبحان الله" على وجوههم.. وفي غالبية الحالات، كان الرفض المؤدب .. تحت بند الحمو الموت، والناس قدرات.. ينهي الزيارات القصيرة.. ولو صدف وكان عندهم حوض سمك، كانت الزيارة تنتهي بسرعة أكبر من المتوقع..
لغاية ما في يوم دلّتني صاحبة لخالتي على بيت ناس في ضاحية الرشيد.. وطلبوا يشوفوني أنا وعمّار.. وكنت أول مرة بشوف فيها ميس ..
استقبلنا عمّي أبو أحمد بكل ودّ وترحاب.. رجل في الخمسين.. لحية بيضاء خفيفة وابتسامة دافئة وجسم ممتلئ بتغطيه دشداشة بيضا جميلة..
بدا كإنه أستاذ متقاعد.. ومن هاي النوعية اللي بتتفاءل بس تشوفهم.. بمنحوك طاقة إيجابية بمجرد إنك تشوفهم.. حتّى كان فيه شبه من إمام المسجد اللي صلينا عنده زمان..

دخلت أنا وعمّار لابسين مطقّمين.. وأنا بدعي الله تمرّ هالطلبة على خير.. سلّمت على الرجل وعرفته على عمَّار.. وأول ما شاف عمَّار إبتسم له.. فعمّار طبعا بعرفش يسلم.. مش من هواياته السلام على الناس.. لكن لمّا شاف الزلمة وقّف هيك شوي ، وصفن فيه.. أنا قلبي صار في رجلي.. إجيت أمسك عمَّار وأبعده.. راح عمّي أبو أحمد أشّر لي أتركه.. وتركته وأنا ببسمل وبحوقل.. وبكل هدوء قام عمَّار رفع إيديه لفوق وقربهم على وجه الزلمة.. ومسك ذنيه شوي.. شدّهم كأنه بتأكد ما بنفكوا.. وتركهم.. وقعدنا..
قعدت أنا والزلمة، وحكيت له قصتي باختصار.. إنه احنا أيتام، وعمّار ما عنده غيري.. وأنا مهندس وبشتغل شغل منيح.. والوالد ترك لنا ورثة منيحة..
طبعا الرجل مدح في وفي أخلاقي وموقفي تجاه أخوي.. وبدأ يذكر قصص اللي بتخلوا عن أهلهم..

بعدها دخلت حماتي.. ست بشوشة هي الثانية، لكن واضح إنها ما كانت بتشارك حماي نظرته المتفائلة تجاه عمَّار.. كانت أقرب لإنها جاي تستكشف..
قعد عمَّار هادي.. وقعدنا وحكينا.. وفي وسط الحديث دخلت ميس حاملة القهوة.. فتاة محجبة.. نحيفة شوي.. ملامح عادية.. لكن فيها رقّة مهندسين الديكور.. وهي فعلا طلعت مخلصة تصميم داخلي .. وعيونها كانوا حلوين وفيهم ذكاء.. اجت تقدم القهوة.. وبدأت بعمّار.. قام أخذ منها الصينية كاملة.. وحطها قدّامه.. ضحكت وسكتت..
حكينا وحكينا .. وتعرفت عليها أكثر.. والجماعة حكوا إنهم بشكل مبدئي ما عندهم مانع.. بس بشرط يقضوا معنا أنا وعمّار وقت أطول حتى يقدروا حالته..
طبعا ظهرت من عمَّار بعض الحركات أثناء زياراتنا.. لكن تمت الخطبة على خير.. ووقتها بالذات ما جبت عمَّار معي.. كونه مش ناقص مواقف محرجة أنا..
بعد الخطبة بفترة تقرر نكتب الكتاب.. وليلة كتب الكتاب، عزمنا عمّي أبو أحمد عالعشا.. وهو مقرر إنه يصير صحبة مع عمَّار.. كان وجهة نظره إنه الناس زي عمَّار ما بدهم إلا حدا يحبهم.. وبعدها بصيروا أصحاب.. وهذا اللي كان دايما يحكيه لميس عشان يشجعها..
قعدنا على طاولة العشا.. وميس (أو هيك قالت حماتي) كانت عاملة الجاج المحشي والملوخية.. وقعدت عمَّار جنبي.. وقعد عمّي ومرة عمّي قبالنا.. وبدأنا العشا.. وعمّار كان من الناس اللي بحبوا المخلل.. فلاحظ صحن مخلل قريب على عمّي وبعيد عن متناوله.. قام مدّ حاله عبر الطاولة وطال حبّة منه وأكلها.. وهون بدأ عمّي يحكي.. "شايفة يا بابا يا ميس، يعني واضح إنه بحب المخلل.. شوفي شو راح أعمل.." قام حمل صحن المخلل كله ولفّ من ورا الطاولة وحطّه قدام عمَّار.. ورجع على طاولته كإنه فتح غرناطة.، ورجع يحكي.. "هيك يا بابا.. هدول الناس ما بدهم إلا الحبّ.. إنت عامليه هيك بترتاحي وبتكسبي أجر كبير إن شاء الله.. والله إلك الجنّة يا بابا"..
وهو بسولف عن الجنّة.. راح عمَّار وقف.. وحمل صحن ملوخية بغلي من قدّامه.. طبعا أنا قلبي وقّف معه.. وقلت في عقل بالي.. "لو عمل عمَّار أي عملة، هذا بكون العشاء الأخير.." عمّي لاحظ ارتباكي.. وقال "لا لا عمّي إتركه.. أنا صحبة مع عمَّار.. تعال عمَّار عمّو.."
فعمّار عمّو ما كذب خبر.. قرّب عند الزلمة عشان يردّ جميلة المخلل وفتح غرناطة .. ودلق صحن الملوخية في ظهره للزلمة.. وليوم العرس وهو بحطّ كريمات على ظهره..
وتزوجنا..

تم الجزء الثالث..
الجزء الرابع والأخير..
بعد الزواج، بدأ عمَّار ينظر لميس نظرة شبيهة لنظرته لمصطفى زوج إمي اللي يرحمها.. وإن كانت أخفّ حدة،، وفهمتها لميس إنه ممنوع أي نوع من التقارب قدام عمار.. لأنه بشوفها كتهديد إله في علاقته مع أخوه..
وعاشت معنا ميس في البيت.. كانت نعم الزوجة.. وشوي شوي بدأت تتعود على وجود عمَّار.. زي ما الإنسان بتعوّد على وجود نمر أليف في بيته.. لا هو قادر يخاف منه دايما.. ولا قادر يتطمن له..
تعايش مع قلق.. خصوصا إنه ما صار في نوع كثير من الودّ بينهم.. تعايش بس..

وحملت ميس.. ومع مرور شهور الحمل كانت تتعب بزيادة.. ويمكن في لحظات معينة ندمت على الزواج منّي.. أنا ما كنت مقصّر معها.. لكن يبدو تصورت الحياة مع النمر عمَّار ومع بسّته راح تكون أسهل من هيك..
ما وصلت الشهر السابع إلا كانت مرهقة تماماً.. وانتقل الإرهاق النفسي إلي.. كان من السهل عليّ أعيش مع عمَّار.. عشت عمري كلّه معه.. لكن أنانية الإنسان خلّتني أشوفه عبء على عائلتي.. خصوصا مع شكاوى ميس اللي كنت أشوفها بعيونها.. وكنت ألتمس لها العذر.. وكنت خايف أكثر شي من لحظة ينفجر معها هذا الإرهاق والأنانية ضد عمَّار..
كان يوم جمعة.. وميس كانت بتنظف البيت.. رجعت من صلاة الجمعة.. ولقيت الشغالة بتولول.. دخلت على غرفة عمَّار فوراً.. لقيت ميس على الأرض ووجهها دم ومعها نزيف.. وعمّار واقف على سريره بصرخ عليها بأصواته ..
بدون أي وعي وقبل ما أشوف ميس ضربته.. كانت لأول مرة بحياتي بضربه.. وحملتها فورا وطلعت على المستشفى.. ويومها ولدت ياسمين..
كاينة ميس طالبة من الشغالة تنظف البيت.. وتعزل الغرف قبل العيد.. ولمّا داخلين غرفة عمَّار.. ميس طالبة من الشغالة تزيح صندوق أغراض إمّي وتنظف تحته.. ووقتها هاجمها عمَّار..
ظلت ميس في المستشفى فترة بعد الولادة.. لغاية ما طلعت ياسمين من الخداج.. وبعدها روحت على بيت أهلها ترتاح.. كانت مش آمنة نهائيا على حالها وبنتنا من عمَّار..
وقتها عمَّار كان زعلان مني كثير.. وأنا كنت زعلان منه وشفقان عليه.، بس كنت دايما أذكر حالي إنه ماله ذنب.، وهو أخوي وأنا بحبه.. مش بشفق عليه..
لمّا صار عمر ياسمين 4 شهور رجعت ميس.. وجبت شغالة ثانية وظيفتها بس تحرس ياسمين.. لكن اللي صار بعدها كان جداً محيّر.. طبعا ياسمين انولدت بعيون خضر.. وفيها شوية شبه من إمّي الله يرحمها..
عمَّار من يوم ما شاف ياسمين وهو تحوّل.. صار إنسان ثاني.. صار طول اليوم واقف بس يتطلع عليها بكل حبّ.، حبّ خلّا ميس شوي شوي.. تتطمن إله ولوجوده.. وتتركه مع ياسمين..
وكبرت ياسمين وهي روح قلبه لعمّار.. هو علّمها المشي.. والركض.. واللعب بالرمل والمي.. وهو لمّا كنا نطلع يجيب الها الألعاب.. وهو يطعميها بإيده.، كانت بالنسبة إله، إمّه اللي انولدت من جديد..
السنة كانت ياسمين بطلة مسرحية الصف الرابع في مدرستهم.. وكانت في دور أميرة.. الدور اللي مثلته كثير وتدربت عليه قدام عمَّار..
أخذنا عمَّار ورحنا نحضر المسرحية .. وبس خلصت المسرحية وزقفوا الناس.. قام أخوي عمَّار وطلع على المسرح ووصل لعندها.. وقدّام كل الناس.. شال التاج البلاستيك اللي على رأسها.. ولبّسها تاج الذهب الأبيض تبع إمّي الله يرحمها..
ونزل وسط تصفيق حادّْ..

كل إنسان فينا عنده نقطة ضعف.. نقطة بخجل منها وبتخليه يحسّ إنه أقل من الناس.. ويمكن بدونها يعيش حياة أفضل..
لكن أنا عندي إيمان عميق.. إنه يمكن نقطة الضعف هاي موجودة عشان تبني حياتك وقوتك حواليها.. وممكن تكون هي الدافع لحياة أفضل.. ويمكن بدونها، ما كانت راح تكون حياتك بهذا الجمال.. وفي حالتي.. نقطة القوة هاي.. كانت عمَّار..
تمت..
‫#‏كتابات_ديك_الجن‬
- كل الشكر والتقدير والاحترام لكل أم وكل أب وكل أخ وكل أخت شرّفهم الله بالاعتناء بهؤلاء الملائكة في الصغر والكبر.. ولا نستطيع نحن أن نجازيكم.. الله وحده يفعل ذلك..
- القصة مبنية على طفلين وأمهما شاهدتهم أثناء قضائي عطلة في أحد الفنادق.. وخلال يومين شاهدت خلالهما هذه العائلة.. كان الأخ الأكبر ذو الثمانية أعوام مثالا حقيقيا لما قرأتموه.. أما عمَّار، فكان أطرف وأجمل بكثير..