قصة
يُحكى ان تاجر قماش من عكا علق على
الجدار خلف مكتبة لوحة كُتب فيها
كَيدُ الرجال غلب كيدَ النّساء ...
و حدث أن امرأة دخلت عليه ذات يوم
لتشتري بعض حاجاتها و لما قرأت ما علقه التاجر أبدت امتعاضا شديداً و قالت له . إن
كيد النساء غلب كيد الرجال .
و تشارعا ما شاء الله لهُما أن
يتشارعا دونما فائدة ثم أن المرأة مضت في سبيلها و عاد التاجر إلى تاجرته..
و طوال الطريق إلى بيتها ظلت المرأة
تفكر بطريقة تكسر فيها رأس هذا التاجر العنيد...
صبيحة اليوم التالي تنكرت بثياب امرأة
علي مشارف الستين و حملت عكازا ووضعت نظارة سميكة العدسات حتى بدت من دنيا العجائز
حقاّ.
دخلت على التاجر فلم يعرفها و قالت له
بصوت باهت أيها التاجر إن الله ابتلاني بولد نغص علي حياتي فلا يسمع لي نُصحاً ولا
يعير لي سمعاً و انه قد عشق امرأة متزوجة و أنا حاولت ان أثنيه عن ذلك دون جدوى.
تداركت المرأة أنها أفرطت في الشرح و
قالت بسرعة : إن ابني قد وعد محبوبته تلك بقطعة قماش لا مثيل لها في عكا . قال
لهالا التاجر بسرعة لقد وصلني منذ يومين
ثوب قُماش من اسطنبول ليس له في بلاد الشام كلها مثيل...
قالت له المرأة : هل لي بقصاصة صغيرة
منه حتى أعرضها على ابني ليعرضها على محبوبته فوافق التاجر و قام بقص قطعة قماش
بحجم الكف و ناولها للمرأة و مضت في
سبيلها .
خرجت المرأة من دكانه و سألت عن بيته
فدلوها عليه فذهبت و طرقت الباب ففتحت زوجة التاجر فقالت الرأة: يا بنيتي انا
امرأة من مدينة اخرى و قد أدركني وقت الصلاة فهلا أذنت لي بأن أصلي في بيتك .
رحبت زوجة التاجر بالمرأة أيما ترحيب و جهزت لها
ضوء و مكان الصلاة و تركتها لصلاتها و مضت لبعض شؤون بيتها ...
أخرجت المرأة قطعة القماش ووضعتها على
السرير و مضت في حال سبيلها ...
ثم إن التاجر عاد إلى بيته بعد الظهر
ليرتاح قليلا فوجد قطعة القماش فلم يراوده أدنى شك بأن زوجته هي محبوبة ابن تلك
المرأة .
بسرعة ناجى زوجته فحضرت و قال لها
اجمعي أغراضك و إلى بيت أهلك فاستحلفته
بالله و بكل نبي مُرسل إلا قال لها ما السبب فأبى و قال أذا عدت إلى البيت قبل أ
أرسل في طلبك رأسك و إذا حاولوا إعادتك ألي إياك أن تعودي ...
اغتم التاجر أياما طويلة و تدهورت
تجارته .
مرت المرأة بدكانه فرقت لحاله و قالت
حان وقت إصلاح الأمور ... عادت إلي بيتها و لبست ثياب العجوز و نظارتها و جاءت إلى
دكانه فلما رآها قام من على كرسيه كالمجنون يريد ان يضربها فحال بينهما زبون ...
فقالت له : ما بك؟ ...
قال: لعنة الله عليك و على ابنك ...
قالت له : كل هذا لأجل قطعة قماش
أخذتها منك فماذا ستفعل الآن و قد جئت إليك قطعة أخرى لأني لما أخذت الأولي منك
أدركني وقت الصلاة فطرقت باب ففتحت امرأة في غاية الأخلاق و الجمال فأحسنت إلي
واعدت وضوئي و مكان صلاتي و لكني نسيت قطعة القماش عندها و تهت عن البيت و أريد
منك قطعة أخرى .
انفرجت أسارير الرجل وقال : أحقاً ما
تقولين ؟!
قالت له: ما كان إلا ما أخبرتك به .
قال: إليك الثوب بلا مال و خرج
مُسرعاً ليعيد زوجته ...
صبيحة اليوم التالي دخل على التاجر
غلام أعطاه ورقة و انصرف و لما فتحها و جد
فيها جُملة تقول : ليس لي ولد و لا هنا حبيبة و لكن كيد النساء غلب كيد الرجال .
و من ساعته نزع التاجر اللوحة القديمة
و هو إلى اليوم يعلق على الجدار خلف مكتبة
لوحة تقول : كيد النساء غلب كيد الرجال .