خلف هواتفنا الذكية تَقبع أرواحنا و
اخلاقُنا وكل ما نحب و ما نكره ننحيه
جانبا.
اتسعت فوهت جُيوبِنَا و أصبح كُلنّ منّا
يملك هاتفا ذكياً ينقله معه إلى أي مكان يتوجه إليه , هذا الاتساع َسحق مفهوم الطبقات المادية بيننا و خصوصاً اذا تَعنون حديثنا عن الهواتف .
صغار كبار , فتيات شبان , آباء أمهات
, تحمل أيديهم جهازا على اختلاف مسمياتها و اشكالها هي متشابهة أيضا , كأنها تشبه
اختلافنا و تماثلنا !
تنقر اصابعنا مفاتيحه الملساء شديدة
النعومة او أنها غير حقيقة او ليست موجودة
, كالتي اعتدنا عليها منذ زمن بعيد.
نتنقل فيه من تطبيق لآخر , من صورة
لأختها , نضحك , نبكى , نُحب أو نكره اصبح ملازم لنا كثيراً لا نتعرى منه إلا حينما يغلبنا النوم و
يعترينا الملل و تنقطع روح بطاريته الحمقاء لنعيد له الحياة بحبله السرى الأبله.
هذا حالنا معه! تُرى على أي حال نبدو مع الناس الآخرين القابعين خلف هواتفهم
أيضا ؟؟
نقول – دائماً - كن صادقاً في قولك ,
و أَحسن من تصرفاتك , لِتظهر حقيقتك لِتعيش أنت لا غيرُك . نرى تناقض شديد بين شخصيات تُظهر على برامج
التواصل الاجتماعي عكس حقيقتاها - كُلنا
يريد أخفاء عيوبه - انت أيضا تتواصل مع أٌناس لا تعرف عنهم إلا ما يُظهُروه
عن أنفسهم لا ما تكتشفه أنت!
الغريب !
في الحقيقة أنه السبب الذي دفعني لأكتب
هذه السطور ,الغرابة ان هناك أناس يُظهرون اسوئ صورة لهم عند تواصلهم مع الناس , بمجرد ان
تدخل لبرنامج تواصل اجتماعي تفكر انه لابد من تغيير اسمها إلى "برامج السب الاجتماعي "! سألت
نفسي هل يجب ان يكون التواصل بالسب او ان السب و الشتم و القذف هو من ضمن التواصل
الطبيعي الذي يعتمده اشخاص مع بعضنا ؟؟
بمجرد دخولك لأي برنامج سواء توتر او
فيسبوك او انستقرام او غيرها مما لا يعرفها جهازي و انا , تَرى كم هائل من السب و
التحطيم و النقد الغير بناء , و التحطيم .
تفتح مقطع فيديو على اليوتيوب بغض
النظر عن موضوعه و من مؤديه , حين تنزل بمؤشرك إلى الاسفل لترى حديقة الردود
المزروعة بالحنظل , كلمات محبطة و قاسية حتى و ان كان المقطع لا يستوجب هذا
الكلام الذي ليس من الواجب اطلاقا.
أأسف على من شوه صورته التي لا نعرفها
قام بتشويه نفسه بنفسه , و منهم من امتهن وظيفة رشق الناس بحجرة كلامه و تناسي ان (ما
يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ).
الأغرب !! من ذلك كله
, المضحك في الوقت عينه , هو من يريد ان يتواصل مع الناس ولا يريد ان يتواصل معه احد , أي التواصل من طرفه
الواحد! يفتح هاتفه , يقص كلمات اعجبته من مكان ما في هاتفه , الصقها كرسالة ,
ارسالها لجميع قائمته الذين اضافهم او حفظ ارقامهم بمحض إرادته , لا لأحد سلطة على
رغبته بحذفهم او إبقائهم , تصل الرسالة
لهم و ما ان يعلق احد المُرسل إليهم على هذه النكتة الساذجة او الخاطرة
الركيكة المتهالكة او الاقتباس البلاغي الرائع , حتى يثور عليك و يقول : لا علاقة لك بالأمر.
رغم ان التعليق يخلو من أي سب او قذف
او تدخل بشأن شخصي ولا سخرية فيه , رد لطيف و ربما ثناء المهم انه خارج عن دائرة السب الاجتماعي.
ما الامر؟
لماذا ترسل لى إذا ؟
لماذا لا تحذفني من قائمتك ما دمت لا
تريد أن أعلق على رسائلك؟
أسئلة تحتار الإجابة عليها ! عندما
يُلقي عليك رد كتابي عنيف من المُرسل .
أفهم ...
هذه البرامج للتواصل ان كنت مغرداً في
توتر , ناشر على صفحتك في الفيسبوك , تُرسل صورة على انستقرام , عليك عن تَعرف انها تصل ناس غيرك هي
ليست مُلك لك هي مِلك كل العالم الذي
يعيشون نفس نمط حياتك و يهتمون بنفس اهتماماتك , و يقتنون هواتف ذكية مثلك , استعد
لإ أي شيء و لكل شيء .
أنت بدورك ان تابعة أحد او اعجبتك
منشورة او صورة , كن إيجابي معه ابدى
اعجابك و لديك نقد اجهض منه سبك و تحطيمك تريد ان تنصح انصح دونما سخرية او تهكم (أحب
لناس ما تحبه لنفسك ) واصل و تواصل هي
متعة جميلة و من خلالها تتعلم و تكتشف العالم فهو يكمنّ بين يديك , بنقرة من
اصابعك على لوحة مفاتيحه الملساء تجد ما تريد. أظهر أحسن صورة لديك و اجعلها صورتك
الحقيقة و لا تكن تطبيقات هاتفك مرآه لصورتك القبيحة التي يراها العالم اجمع ,.
يا أمة محمد رسولكم جاء ليتمم مكارم
اخلاقكم فكونوا كذلك , لذا صلوا عليه و سلموا تسليماً.